Dec 8, 2012

البداية


أنا غاضب لدرجة أني لا أستطيع النوم.

لبعض الوقت الآن و أنا أفكر جديا في الانتقال خارج مصر. الوضع و كأنه على مر السنين و أنا اطرد ببطء من قبل الدولة. ملفوظ. و لا أزال أفكر في زلك. لماذا؟ لأني باستمرار أواجه  صعوبة  في العيش هنا.. أكثر و أكثر مؤخرا.

حتى قامت الثورة، لم يكن هناك أمل في التغيير. كنا قد تقبلنا وضعنا الراهن آنذاك اللا مفر منه. كانت الخدعة هي التأقلم. تعايشنا مع الوضع و أخذنا بأفضله.  خلقنا صومعاتنا الجليلة بنوعية الحياة التي اعتقدناها مرضية. تجمعنا و تكاتفنا مع ذوى الفكر المماثل  لنعيش بحس عام و مباديء مشتركة. جودة حياة زائفة نتيجة  للاغتراب من الحس العام لعامة الشعب و من الفساد الفاحش والظلم في الحكومة والسلطات التابعة لها.  حياة فيها يشترك كل واحد منا في الرشوة و الفساد اما عن طريق المشاركة أو التسامح. عشنا بأنانية لنبقى. أخذنا من مصر ما رأيناه جزء من حقوقنا و اعطينا القليل في المقابل. قد لا توافقني الرأي و تجزم أنك أعطيت بالفعل في المقابل ، هذه حقيقة لأقلية و لكنها اعتقاد خاطئ بالجري وراء الأوهام للأغلبية. شاهدنا البلاد تغرق أمام أعيننا، و مع ذلك "احتفظنا بالهدوء، ومضينا".

و قمنا بالثورة.

ربما كانت سلسلة ضخمة من الأحداث المدبرة من قبل بعض القوى البشرية العظمى. أو ربما كانت انتفاضة حقيقية وعفوية من المصريين. قد تكون مزيجاً من الاثنين معا... ولكن الواقع هو أنها حدثت (أو بدأت).  والاستنتاج هو... التغيير ممكن.

ما زلنا نعيش في صومعاتنا.  لا يمكننا أن نكون أبعد عن أهداف "ثورتنا" عن هذا ، ومع ذلك يبقى "العمل كالمعتاد" و كثيرا ما نجلس ونشكو للتنفيس عن الإحباط لدينا (مرة أخرى، اعترف بوجود استثناءات). ونحن نميل للقيام بذلك تبعيا، بعد تدريب طويل على أيدى النظام المخلوع.

ولكن إذا ثبت أن الوضع القائم الصلب لعقود طويلة أنه  قابل للكسر، اذا  فأي شيء وارد الآن!

لا أستطيع الوقوف جانبا لأشاهد مهزلة أخرى تتبلور، وعصر جديد من الطغيان يريق دماء البلاد. بلدنا. أنا لا أشير تحديداً إلى مجموعة أو حركة أو قطاع من الحكومة. أنا أشير إلى أيا كانت الأشخاص أو الجهات المتحكمة الأن .

هل تصدق أي شيء تسمعه أو تقرأة في مصر؟ هل تثق بأي سياسي أو شخصية في السلطة؟ هل تعتقد حقا أن أي منهم يضع مصلحة مصر (وبالتالي مصلحتنا أنت وأنا) كأولويته الوحيدة؟ لا أعتقد ذلك! حيثما أنظر أو أستمع أجد الخداع الصارخ. ما منهم أحدا يحمي ظهري، ولكني لا أرغب في البقاء في الصومعة الناتجة عن ذلك.  أريدهم أن يقوموا  بعملهم و بالطريقة التي ترضيني. وفي المقابل، سوف أفي بواجباتي وأعمل على أن أكون أقل أنانية.

 

أريد أشياء كثيرة لجعل حياتي أفضل.

أريد أن أحصل على حقوقي وحريتي، مع الحفاظ على كرامتي. لا أريد أن أكون غالباً محبط. لا أريد أن أرى كوارث الإهمال وعدم الكفاءة تفلت من العقاب، وتعامل بغموض. أريد أن أقود السيارة الى العمل والعودة دون سب الشوارع، والسائقين وسلطات المرور. أريد أن أكسب ما أستحق لعملي الدأوب. أريد السلام والهدوء في المنزل. لا أريد تحكم الباوابين وعشائرهم في الشوارع. أريد أن تتسم الناس باخلاق أفضل. يالا الهول على الأخلاق في كل مكان. تم استبدال خالص الاحترام المتبادل بالانتهازية، والمادية، والبجاحة.

ولكن مهلا، أنا مهني ناجح أعيش في صومعة بمعاييرعالية نسبيا لنوعية الحياة التي أسعى الى تحقيقها. ماذا عن رجل الشارع المصري البسيط. الرجل الذى أشرت إليه بتكبر سابقا كعامة الشعب، بينما هو حقيقة زميلي إن لم يكن أخي.

حسنا، احتياجاته أكثر إلحاحا مني بعض الشىء! دعونا نرى...

ربما يحتاج وظيفة؟ --"الكثير لديهم وظائف ولكن أدائهم سيئ أو متكاسلون". حسنا، ماذا عن وسائل مواصلات آدمية و آمنة؟  نعم! مياه شرب نظيفة؟ شبكة صرف صحي لا تتضمن الشارع؟ التعليم الأساسي؟ الرعاية الصحية؟ (أضحوكة). شرطة يمكن اللجوء اليها للتأمين أوالمساعدة. نظام قضائى لتخليص الحقوق في أقل من عمر من المحاكمات، ان كان على الاطلاق. ويمكن أن تطول الصفحات في هذه الطلبات. الملخص هو أنه يريد كل ما وعدته حكومته في عقد  "الحكومة مع المواطن"،  و الكرامة والاحترام الذين وهبهما الله له. هذا المواطن لديه لا شىء الأن سوى لحظات عابرة من السعادة التي عليه أن يخلقها لنفسه.. أو يعتمد فيها على المكيفات.

قد يبدو هذا من السذاجة، ولكن يمكننا جميعا ادراك ما نستحق/نحتاج/نريد. فلدينا الموارد الطبيعية والقوى العاملة والخبراء والموقع الاستراتيجي والحب... بما أن كل مصرى يدعى "حب" مصر!

و الآن، نحن في حاجة ماسة إلى:

1) الحقيقة

2) العدل

3) القانون والنظام

وعندما أقول الحقيقة، أعني قادة حقيقيين وجريئين، وسائل اعلام مهنية و حقيقية، شفافية حقيقية في الحكومة. فكرة الزعيم الأدرى بالصالح العام دون مشورة قد عفا عليها الزمن الآن. قم بتثقيف الشعب، ثم اسمح له باتخاذ القرارات الخاصة به.

واقع عدم وجود رجل واحد أو امرأة واحدة (على حد علمي) من المتورطين مع النظام السابق قد تقدم  علنا بحقيقة ما كان يجرى خلف الأبواب المغلقة يعد شىء مخزي. الكثير من الخوف لا يزال موجوداً، جنبا إلى جنب مع تجاهل تام لتحقيق الصالح العام. الخوف والصمت يبقيان مع الإرهاب. الإرهاب يزدهر في غياب القانون والنظام. في افتقار الحقيقة، لا يمكن ابدأ أن تسود العدالة. انها حلقة مفرغة، إلا أنها غير طبيعية. ومن ثم، يمكن أن تكسر.

أنا غاضب، ولكني أيضا لديا الأمل. أناشد أي شخص آخر يشاركنى مشاعري. أنا لا أعرف ما ينبغي علينا أو يمكننا القيام به، ولكن بالله علينا دعونا نفعل شيئا! دعونا نفكر معا و نعصف عقولنا ونخطط  و نعمل على كيفية كسر تلك الحلقة المفرغة اللعينة.

بالأهداف المشتركة ونوايا حقيقية وشغوفة، وشجاعة وجهد... أي شيء فى الامكان.

كان الله معنا و بارك الله مصر.

No comments:

Post a Comment